شكل ملعب بيروت البلدي حالة وطنية ورياضية فبات من أهم رموز كرة القدم اللبنانية، لكن أحداثاً طارئة مترافقة مع إهمال مقصود جعلته بحالة عدم استقرار أدت Yلى خروجه من الخدمة مرات عدة وها هو الأن في حالة موت سريري نتيجة لذلك.
وعلى الرغم من الأوضاع المأساوية السائدة نتيجة كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الفائت ومن بعده حريق المنطقة الحرة، عرضت على محافظ بيروت الجديد القاضي مروان عبود في حضور رئيس المؤسسة العامة للمنشآت الشبابية والرياضية والكشفية رياض الشيخة ملف الملعب فكان متجاوباً جداً وأعطى توجيهاته لإعادة تأهيل الملعب ووضعه بالخدمة بأسرع وقت ممكن على أن يجري اتصالات مع رئيس اتحاد كرة القدم السيد هاشم حيدر للتعاون المشترك حول ذلك. فهل تؤدي هذه الخطوة إلى انقاذ الملعب من الزوال؟
من 1936 Yلى الآن
قصة الملعب انطلقت في العام 1936، عندما بناه الجيش الفرنسي خلال الانتداب البلدي في الطريق الجديدة على مساحة 15 ألف متر مكعباً، لممارسة الألعاب الرياضية واقامة الاحتفالات وظل مسيطراً عليه الى يوم اعلان استقلال لبنان عن فرنسا في 22 تشرين الثاني من العام 1943 حيث تسلم قائد الجيش اللبناني اللّواء فؤاد شهاب علم لبنان من قادة الانتداب ووضع الملعب بإشراف الجيش و بلدية بيروت.
بعدها بدأ وضع الملعب بتصرف الأندية وكانت أرضه عشبية وأجريت عليه مباريات في دوري وكأس لبنان بكرة القدم، ومن ابرز الأحداث التي شهدها في تلك الفترة مباراة منتخب لبنان مع منتخب المجر الذهبي بقيادة الهداف العالمي بوشكاش في 29 شباط 1956 وانتهت بفوز المجر (4 ـ 1)، سجل منها بوشكاش هدفين بينما سجل هدف لبنان مارديك.
مع افتتاح المدينة الرياضية في العام 1957 تحولت أهم مباريات كرة القدم اليها نظراً لمدرجاتها الكبيرة التي تتسع لنحو 30 ألف متفرجاً آنذاك، ولم ينل الملعب البلدي الاهتمام اللازم فظلت أرضيته و مرافقه متأرجحة بين الوسط ودونه حتى الحرب الأهلية حيث خرج من الخدمة بسس تحوله الى مربض مدفعية للجيش السوري.
في بداية التسعينات، أستعاد الملعب بعضاً من بريقه بالتعاون بين اتحاد كرة القدم ونادي الأنصار واستضاف كل مباريات الأنصار المحسوبة على أرضه.
في العام 1996 قرر لبنان استضافة الدورة الرياضية العربية 1997 ومن بعدها “كأس آسيا 2000″ بكرة القدم فتم هدمه بالكامل وكذلك المدينة الرياضية وملعب صيدا البلدي الى بناء ملعب طرابلس الأولمبي في أيام تولي الشهيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة.
ظلت المنشآت الرياضية هذه في أحلى حالاتها حتى العام 2001 وتحديداً بعد اسقاط اتحاد كرة القدم برئاسة الدكتور نبيل الراعي بقرار سياسي كبير، ومن ثم تدهورت أوضاعها و نال ملعبا بيروت البلدي وطرابلس الأولمبي القدر الأكبر من الضرر فخرج طرابلس من الخدمة نهائياً وما يزال حتى الآن، بينما تأرجح الملعب البلدي بين السىء والأسوأ نتيجة الأهمال الكبير من بلدية بيروت.
ظل الملعب مهملاً بالكامل، وفي العام 2013 وضعت البلدية مشروعاً لهدمه واقامة مجمع رياضي مصغر وحدائق وقاعات اجتماعات وأفراح الى مرآب يتسع لنحو 3 ألاف سيارة، ورفعته الى مجلس الوزراء في عهد الرئيس تمام سلام حيث تمت الموافقة عليه شرط ان يتم تأهيل ملعب حرج قصقص كبديل عنه، ما أثار سخط بعض أهالي الطريق الجديدة وكذلك أوساط كرة القدم، فتم تشكيل وفد من قدامى لاعبي الأنصار زار الرئيس سعد الحريري قبل الانتخابات وطالبه بالغاء مشروع البلدية والإبقاء على الملعب والعمل على اعادة تأهيله وكان رد الحريري يومها:”طالم أنا موجود فان الملعب البلدي سيبقى موجوداً”.
بعد الانتخابات لم يطرأ جديد على وضع الملعب فبقي خارج الخدمة، الى أن تولى محافظ بيروت السابق القاضي زياد شبيب الملف مصراً على ضرورة بقاء الملعب فكلف مستشاره يوسف برجاوي باعداد دراسة سريعة لاعادة التأهيل، وبعد نحو شهرين تمت زراعة أرضية الملعب بالعشب الطبيعي الى اصلاح مضخات المياه والمرافق الصحية وغرف تبديل الملابس وعادت الروح اليه واستقبل مباريات عدة، وبعد انتهاء الموسم 2018 / 2019 كان من المفترض صيانة الملعب وابقائه على جهوزيته لكن انطلاق ثورة 17 تشرين وبالتالي انتشار فيروس كورونا حالا دون ذلك ليموت العشب ويدخل الملعب بحالة الموت السريري.
يوسف برجاوي